للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النبوة وروعته!! حتى إنه لم ينته عهد الصحابة حتى نقلوا كلام الرسول - صَلََّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كاملاً غير منقوص، وإذا كان قد غاب عن بعضهم أحاديث فإنه لا يغيب عن جميعهم، وكما يقول الإمام الشافعي: إن كل الصحابة قد رَوَوْا كل أخبار الرسول، وأحاديثه، وفتاويه.

فإذا كان عصر النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - هو عصر تبليغ الشريعة فعصر الصحابة هو عصر حفظها، ونقلها للأخلاف غَضَّةً خِصْبَةً كما بَيَّنَهَا النبي الأمين.

ولم يكن عمل الصحابة - رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ - أن ينقلوا فقط، بل كان عليهم أن يستنبطوا، وأن يجتهدوا آراءهم فيما لم يعلموا من النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - فيه أمرًا.

وقد وجههم - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إلى ذلك فحث على الاجتهاد، وجعل له ثوابًا فقال - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -:

«لِلْمُجْتَهِدِ إِذَا أَصَابَ أَجْرَانِ، وَإِذَا أَخْطَأَ أَجْرٌ وَاحِدٌ» (*)، فهو مثوب في الحالين.

ولذا قرر العلماء أن الاجتهاد فرض كفاية على من يحسنه. ولقد قال محمد - صَلََّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما روى الثقات لمعاذ بن جبل وقد أرسله قاضيًا على اليمن. قال له: «بِمَ تَقْضِي؟».

قَالَ: «بِكِتَابِ اللَّهِ».


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ذكر المؤلف الحديث بالمعنى، وللوقوف على الرواية، انظر " الجامع الصحيح " للبخاري: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»، وغيرها من الروايات الأخرى.

<<  <   >  >>