للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ينجس الجواهر الماسة في نفسها، ولكن لا تستعمل لاتصال النجاسة بها، وعدم إمكان تمييزها من النجاسة قال الحافظ علي بن حزم (١) في كتابه المسمى بالمحلي: "وأما إذا تغير لون الحلال الطاهر بماء مازجه من نجس أو حرام وتغير طعمه بذلك أو تغير ريحه بذلك، فإنا حينئذ لا نقدر على استعمال الحلال إلا باستعمال الحرام، واستعمال الحرام في الأكل والشرب وفي الصلاة حركة (٢) -كما قلنا- وكذلك وجب الامتناع منه لا لأن الحلال الطاهر حرم وتنجست عينه، ولو قدرنا على تخليص الحلال الطاهر من الحرام النجس لكان حلالاً بحسبه. قوله: وإن كان كثيراً لا ينجس هذا لم يقل به العامة هكذا بل قيدوه بعدم التغير، فقالوا: لا ينجس ما لم يتغير.

قوله، وقال أصحابنا إن كان بحال يخلص بعضه إلى بعض فهو قليل، وإن كان لا يخلص فهو كثير هذا يوهم أن أصحابنا يقولون في الكثير أنه لا ينجس جميعه، وليس كذلك وفروعهم ناطقة بأنه ينجس كله التقديري وبعضه الحقيقي كما مر، وسنحقق هذا إن شاء الله تعالى. وأما وساق حديث المستيقظ، وفيه ما قاله شيخنا في شرح الهداية (٣): "قلنا: ليس فيه تصريح بتنجس الماء بتقدير كون اليد نجسة، بل ذلك تعليل منا للنهي المذكور، وهو غير لازم، أعني تعليله بتنجس الماء عيناً بتقدير نجاستها بجواز كونه الأعم من النجاسة والكراهة فنقول: نهى لتنجس الماء بتقدير كونها متنجسة


(١) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن خلف بن سعد بن سفيان بن يزيد. كنيته: أبو محمد. ويعرف بابن حزم الأندلسي نسبة إلى بلاد الأندلس، فقيه ظاهري، أصولي، حافظ، متكلم، ولد في ٣٨٤هـ في قرطبة، ومن أهم مصنفاته: المحلى (في الفقه الظاهري)، الفِصَل في الملل والأهواء والنحل، جمهرة الأنساب، الناسخ والمنسوخ، حجة الوداع، التقريب لحد المنطق والمدخل إليه، جوامع السيرة، الأحكام لأصول الأحكام، المفاضلة بين الصحابة طوق الحمامة (في الأدب)، إبطال القياس والرأي، مراتب العلوم وديوان شعر٠ وترجمته في الأعلام للزركلي (٤/ ٢٥٤)،الوافي بالوفيات (٢٠/ ٩٣)،سير أعلام النبلاء (١٨/ ١٨٤)، وغيرهم.
(٢) كذا بالأصل، والصواب: "حرام" والتصويب من المحلى وحسبما يقتضيه السياق.
(٣) يشير إلى: كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام (المتوفى: ٨٦١هـ)، وقد اشتدت عنايته بملازمة ابن الهمام بحيث سمع عليه غالب ما كان يقرأ عنده في هذه الفنون وغيرها، وذلك من سنة خمس وعشرين حتى مات، وكان معظم انتفاعه به ومما قرأه عليه الربع الأول من «شرحه للهداية» المعروف بفتح القدير.

<<  <   >  >>