للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فنجسه، ولا يبقى اليقين بطهارة الماء مع العلم باختلاطه بالنجاسة، وفرض المسألة في الماء الراكد تمنع تجوز انتقال النجاسة بما خالطته، ومع تقدير التحريك والاضطراب تخليص المتنجس بالطاهر، فيبطل هذا التمويه، ولو كان ثم يقين لما احتمل جواز النقيض، ثم محل الأصل المعهود الذي أشار إليه

أن يكون الطارئ على الأصل مجرد التجويز من غير مزيد. قال محمد بن الحسين -رحمه الله تعالى-: إذا علم المتوضئ دخوله الخلاء للحاجة وشك في قضائها قبل خروجه فعليه الوضوء، وفيما نحن فيه طرأ عمل يقين الطهارة يقين اختلاط النجاسة بموضع الوقوع، فكيف يتصور ما ذكر.

قوله: لأن الماء الجاري مما لا يخلص بعضه إلى بعض ... الخ، هذا مما لا يكاد يفهم، والله سبحانه أعلم.

ومن نظر تدافع أمواج الأنهار لما فيها من المرئيات جزم بخلاف مقتضى هذه العبارات والعلة عند غيره أن النجاسة لا تستقر مع الجريان، فما لم يجد فيما يقترفه أثر النجاسة يعلم أنها لم تكن فيه وهاهنا

بحث آخر من وجوه: أحدها أنهم قالوا في اختلاط الماء المطلق (ق ٨ / ب) باللعاب المشكوك في طهارته ونجاسته أنه لا يطهر، ولم يجوز فيه احتمال الانتقال، ولا ننظر إلى أن الأصل في الماء الطهارة، فلا يزول اختلاط المشكوك فيه، ويكون مطهراً على حاله، بل قالوا عند تبعية الأصول كان الماء طاهراً بيقين فلا ينجس بالشك، وكان الحدث ثابتاً بيقين فلا يزول بالشك، فهذا الماء الذي يشك في تنجسه أولى بالمنع من التطهرية من ذلك، وأولى أن يقال فيه: كان الحدث ثابتاً بيقين فلا يرتفع بالشك، ولم يرو عنهم اختصاص مسألة السؤر بنحو ماء الأواني لتفارق ما نحن فيه. الوجه الثاني: أنهم قالوا في علة البطن (١) من التطهير بالماء المستعمل أنه بواسطة استعمال (٢) لم يبقى في معنى المنزل من السماء، وهذا أولى أن يقال فيه أنه بعد اختلاط النجاسة لم يبقى في معنى المنزّل من السماء. الثالث: أن هذا الاحتمال المذكور يجري مثله في قطرة بول أو خمر وقعت في حوض طوله تسعة أذرع ونصف

وربع، وعرضه كذلك ونحو ذلك مما يتحرك أحد طرفيه بتحرك الطرف الآخر، بل يجري فيما هو


(١) كذا بالأصل.
(٢) كذا بالأصل.

<<  <   >  >>