وهذا حال النصارى واليهود مع المسلمين وهو حال أهل البدع مع أهل السنة لا سيما الرافضة.
وهكذا أمر أهل السنة مع الرافضة في أبي بكر وعلي، فإن الرافضي لا يمكنه أن يثبت إيمان على وعدالته وأنه من أهل الجنة - فضلاً عن إمامته - إن لم يثبت ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان، وإلا فمتى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تساعده الأدلة، كما أن النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الأدلة، فإذا قالت له الخوارج الذين يكفرون علياً أو النواصب الذين يفسقونه: إنه كان ظالماً طالباً للدنيا، وإنه طلب الخلافة لنفسه وقاتل عليها بالسيف، وقتل على ذلك ألوفاً من المسلمين حتى عجز عن انفراده بالأمر، وتفرق عليه أصحابه وظهروا عليه فقاتلوه، فهذا الكلام إن كان فاسداً ففساد كلام الرافضي في أبي بكر وعمر أعظم، وإن كان ما قاله في أبي بكر وعمر متوجهاً مقبولاً فهذا أولى بالتوجه والقبول، لأنه من المعلوم للخاصة والعامة أن من ولاه الناس باختيارهم ورضاهم، ومن غير أن يضرب أحداً لا بسيف ولا عصا، ولا أعطى أحداً ممن ولاه مالاً، واجتمعوا عليه فلم يول أحداً من أقاربه وعترته، ولا خلف لورثته مالاً من مال المسلمين، وكان له مال قد أنفقه في سبيل الله فلم يأخذ بدله، وأوصى أن يرد إلى بيت مالهم ما كان عنده لهم، وهو جرد قطيفة وبكر وأمة سوداء ونحو ذلك، حتى قال عبد الرحمن بن عوف لعمر: أتسلب هذا آل أبي بكر؟