اللفظ فإنه لم يمره، ومن نفى المعنى فإنه لم يمره، بل الواجب أن نمرها كما جاءت، ولا نتعرض بقولنا: كيف؟ ولم؟ لان هذا التعرض من سبيل أهل البدع بدليل قول الإمام مالك رحمه الله عندما سئل عن الاستواء كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك إلا رجل سوء، فأمر به فأخرج (١) .
فقال:((والسؤال عنه بدعة)) ، فلا يجوز أبداً أن نسأل عن صفة من صفات الله فنقول: كيف؟ ، ولا يجوز أيضا أن نقول: إذا صح هذا لزم منه هذا مما يمتنع على الله، يعني مثل الذين يقولون: إذا صح نزوله إلى السماء الدنيا لزم أن تكون السماء الثانية فوقه، فهذا حرام ولا يجوز، ولا يمكن أن يقدر هذا التقدير من عرف الله وقدره قدره، بل نحن موقفنا في هذه الأمور هو التسليم، وعدم التعرض لأي سؤال مثل هذه الأسئلة.
أما لو قال: ما معنى النزول؟ أو ما معنى المجيء؟ أو ما معنى الضحك؟ فهذا لا باس أن يسأل عن المعنى حتى يبين له معنى الاستواء مثلا، لكن كيف استوى؟ كيف ينزل؟ كيف يجيء؟ كيف عينه؟ كيف يده؟ كيف قدمه؟ فهذا لا يجوز.
فالحاصل أن موقف أهل السنة والجماعة من الآيات والأحاديث الواردة في صفات الله عز وجل أن يمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فهي ألفاظ جاءت لمعنى وهم يمرون اللفظ والمعنى، وقلنا هذا احترازا من مذهب المفوضة الذين يقولون: نمر لفظها، دون أن
(١) انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للاكائي ٣/٣٩٨.