رجل طيب لا يظلم، الناس يضربونه فيقول: اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وأعني على الصبر، يأخذون ماله فيقول: الله اغنني؛ لأنه غير قادر، فهو ضعيف جدا، بل يخاف إن تكلم أن يضرب زيادة، فهل هذا يعتبر مدحا إذا قلنا: إنه لا يظلم؟ لا، ولهذا قال الشاعر:
قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
لو سمعت قوله: لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل، قلت: ما شاء الله هؤلاء ناس أهل وفاء، وأهل عدل، لا يغدرون، ولا يظلمون، لكن الواقع أنه يسبهم بأنهم لا يقدرون على الغدر ولا على الظلم، ويقول الشاعر أيضا:
لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يحزون من ظلم أهل الظلم مغفرة ومن إساءة أهل السوء إحسانا
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا شنوا الإغارة فرسانا وركبانا
فهذا الرجل يذم قومه وليس يمدحهم، ولهذا قال: فليت لي بهم قوما: أي بدلهم.
إذا نفي النقص لعدم القدرة عليه يعتبر نقصا، وقد يكون نفي النقص لان المحل غير قابل له، لا لكمال المحل، كما لو قلت: جدارنا لا يظلم الناس، وسيارتي لا تظلم أحداً، فهذا لا يعتبر مدحا؛ لأنه لا يقبل الظلم ولا العدل.
قال المؤلف رحمه الله:(من غير تعطيل ولا تمثيل) يعني يجب علينا أن