فأنت واقع في التشبيه سواء أثبت أم نفيت، فنقول لهم: هل تقولون أنه موجود؟ فيقولون: لا. هل تقولون معدوم؟ فسيقولون: لا. إذا لا موجود ولا معدوم! وهل هذا ممكن أن يكون الشيء لا موجودا ولا معدوما؛ أو موجودا معدوما؟! لا يمكن.
إذا انتم الآن فررتم من تشبيهه بالمنفيات أو بالمثبتات وشبهتموه بالممتنعات. والممتنع طبعا لا وجود له أصلا.
وانظر كيف يلعب الشيطان ببني ادم إلى هذا الحد؛ فيقول: إن قلت: حي فقد شبهت، وإن قلت: ليس بحي، فقد شبهت. وإن قلت: سميع فقد شبهت؛ وإن قلت: ليس بسميع فقد شبهت. فماذا نصنع؟ ! قل: لا سميع ولا غير سميع، وإن قلت: موجود شبهت، وإن قلت: لا موجود شبهت، إذا ماذا أقول؟! قل: لا موجود، ولا لا موجود. وهذا غاية ما يكون من الامتناع.
وقال لهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما معناه: أنتم إذا فررتم من تشبيهه بالمثبتات والمنفيات - مع أن المثبتات والمنفيات أمر ممكن - فقد شبهتموه بالممتنعات؛ لان تقابل النفي والإثبات بإجماع العقلاء من باب تقابل النقيضين (١) ، يعني لو سلمنا جدلا بان الحياة والموت من باب تقابل العدم والملكة، وأنه يصح أن نقول لا حي ولا ميت فيما لا يقبل الحياة ولا الموت، كالجماد مثلا، فالجدار نقول: لا حي ولا ميت لأنه لا يقبل الحياة ولا الموت، فلو سلمنا جدلا بأننا نوافقكم على أن تقابل الحياة والموت والسمع