والصمم من باب تقابل العدم والملكة التي جوز أن تنفى عمن لا يكون محلا قابلا لها - لكن لا يمكن أن تخرجوا عن الإثبات والنفي، لان تقابل الإثبات والنفي من باب تقابل النقيضين، يعني ليس هناك شيء إلا موجود أو معدوم؛ إلا ثابت أو منفي.
فإذا نفيتم الإثبات والنفي، أو الوجود والعدم فقد أتيتم بما أجمع العقلاء على امتناعه؛ وذلك لان تقابل الوجود والعدم، والإثبات والنفي من باب تقابل النقيضين اللذين اجمع العقلاء على إنهما لا يجتمعان ولا يرتفعان، فانتم لابد أن تصفوه أما بالوجود وإما بالعدم، فإما أن تقولوا: ليس بموجود أو ليس بمعدوم، أما أن تقولوا: لا موجود ولا معدوم فهذا شيء ممتنع، وقال بذلك غلاة القرامطة والباطنية، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والحاصل أن التعطيل خمسة أنواع، وأهل السنة والجماعة يتبرؤون من جميع هذه الأنواع، ويثبتون لله كل ما أثبته لنفسه.
وأقول لهؤلاء: إنكم ما فررتم من شيء إلا ووقعتم في شر منه، لا في مثله فحسب بل في شر منه، لان هؤلاء إذا فروا مما يعتقدون في تشبيهه وأثبتوا صفة أخرى، نقول لهم: هذه الصفة موجودة في المخلوق فقد وقعتم فيما فررتم منه من حيث التشبيه بالمخلوق، وشر منه تحريف النص.
ونضرب مثلا: الذين يقولون إن الله ليس له يد حقيقية وإنما له قوة. لماذا لم يثبتوا اليد الحقيقية؟ قالوا: لان هذا يقتضي التشبيه بالمخلوق الذي له يد وجارحة. فنقول: والقوة كذلك: أليس للمخلوق قوة؟ فلن يستطيع أن