يختلف الناس فيه. كذلك أهل الزكاة مثلا، فأهل الزكاة الثمانية لا تكاد تجد خلافا بين العلماء رحمهم الله فيهم إلا قليلا بالنسبة للخلاف في المسائل الأخرى، لان أصحاب الزكاة منصوص عليهم، فكلما كانت الأقوال مؤيدة بالنصوص كان الخلاف فيها أقل، لان النص يجمع أطراف الخلاف.
أما إذا كانت المسائل ليست مبنية على نص ولا على أصل فانك ترى فيها الخلاف العجيب، ولو شئت لقلت، إن الخلاف أكثر من أصحابه، فإذا كانوا عشرة اختلفوا على خمسة عشر قولا.
فإذا قال قائل: كيف يكون الخلاف أكثر من أصحابه؟!
فنقول: يكون للواحد عدة أقوال. فإذا كانوا عشرة وكل واحد له خمسة أقوال صار الخلاف خمسين وجها.
فأصحاب النظر، الذين يدعون أنهم أصحاب عقول وأن غيرهم عامة وحشوية وبلهاء وما أشبه ذلك، هم أكثر الناس اختلافا في هذا الباب، ومن طالع ما ينقل عنهم رأى العجب العجاب، حتى إنك لا تكاد تتصور القول من شدة فساده.
فإذا كان هذا حال أصحاب النظر فكيف يعتمد على هؤلاء فيما هو أساس الرسالات، وهو معرفة الرب جل وعلا بأسمائه وصفاته؟! وكيف نعتمد على هذه الأقوال المتناقضة التي لا تنبني على أصل؟! ولهذا فإن المؤلف رحمه الله جاء باختلاف أهل النظر دليلا على فساد أقوالهم، لان الاختلاف والاضطراب يدل على الفساد.