أو إلى المخلوق على صفة العموم، فحياة الله عز وجل أزلية أبدية، أي لم يزل ولا يزال حيا، ثم هي حياة أيضاً كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه، قال الله سبحانه وتعالى:(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)(الفرقان: من الآية ٥٨) فهذا فيه الامتناع عن زوال هذه الحياة، وقال تعالى:(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)(البقرة: الآية ٢٥٥) وهذا منع لوصفها بالنقائص، فهي حياة كاملة ليس فيها سنة ولا نوم، حياة دائمة ليس فيها موت، حياة أزلية لأنها لم تسبق بعدم، وكل حياة البشر بل كل المخلوقات حياتها مسبوقة بعدم، وكذلك أيضاً جميع حياة الإحياء قابلة للزوال غير الله عز وجل، حتى ما خلق للبقاء كالروح، وغلمان أهل الجنة، والحور؛ هذه خلقت للبقاء وستبقى، لكنها قابلة للزوال لو شاء الله تعالى لأهلكها.
إما حياة الله عز وجل فإنها غير قابلة للزوال ولا للنقص ولا للابتداء، فيستحيل عليه ابتداء الحياة وزوالها ونقصها، ولهذا قال الله عز وجل:(لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)(البقرة: ٢٥٥) بخلاف حياة الإنسان فإنه وإن حاول أن يمتنع عن النوم فلابد أن يأخذه النوم أو يهلك، ولهذا عبر بقوله:(لا تَأْخُذُهُ) : أي لا تغلبه، ولم يقل: لا ينام؛ لأن البشر قد يحاول إلا ينام، ولكن لو حاول أن لا ينام فلنقصه؛ لأنه لابد أن تأخذه السنة والنوم أو يهلك.
إما الرب عز وجل فلا تأخذه السنة ولا النوم، وفي الحديث الصحيح:((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)(١) فانتفى بذلك غلبة النوم والسنة عليه عز وجل بنص القرآن، وأنه لا ينام ولا بإرادته؛ لأن ذلك من المستحيل عليه، لقوله:((ولا ينبغي له أن ينام) ؛ لأن النوم نقص، ونحن إنما ننام لنقصنا لا
(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله لا ينام وفي قوله حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهي إليه بصره من خلقه)) ، رقم (١٧٩)