فيكون مخلوقا غر منزل، وقالوا: حتى لو قلنا انه منزل فليس كل منزل غير مخلوق؛ فالله انزل من السماء ماء، والماء النازل من السماء مخلوق، وقال تعالى (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ)(الزمر: الآية ٦) والأنعام مخلوقة، (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)(الحديد: الآية ٢٥) والحديد مخلوق. فانظر كيف التلبيس! وهو من تلبيس إبليس، فبماذا نجيبهم على شبهتهم هذه؟!
نقول: إن المنزل إما أن يكون عينا قائمة بنفسها وحينئذ يكون خلوقا؛ لأنه بائن من الله عز وجل، وإما أن يكون وصفا لا يقوم إلا بغيره، وحينئذ يجب أن يكون من صفات الله، والكلام وصف لا يقوم إلا بغيره، وحينئذ إذا أضاف الله الكلام إلى نفسه فهو صفة من صفاته، إما الحديد فلا يكون من صفات الله، والماء النازل من السماء ليس من صفات الله، وكذلك الأنعام: الإبل والبقر والغنم ليست من صفات الله، بل هي أعيان قائمة بنفسها، أضافها الله تعالى إلى نفسه إضافة خلق وتكوين، وليست إضافة صفة إلى موصوفها.
ويمكن الرد عليهم فيما استدلوا به كما يلي:
أولا: أما الآية التي استدلوا بها، وهي قوله تعالى:(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(الرعد: الآية١٦) أي كل شيء يصلح للخلق، أي خالق كل شيء مخلوق، وأما القرآن فهو صفة من صفات الله عز وجل، وصفات الله غير مخلوقة، لأن الصفة تابعة للموصوف.
وأيضا فإن هذه الآية الكريمة تدل على خالق ومخلوق، فيجب أن يكون