المبحث الرابع: هل الله تعالى يبصر بهما، أو بصره بغير العين؟
الجواب: يبصر بهما، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)(١) فقال: (بصره) ، وهذا يدل على أن لله بصراً، كما يدل على ذلك قوله تعالى:(وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية ١١) .
والبصر حسب مقتضى اللغة العربية يكون بالعين، وقد سبق أنه لولا أن الله أثبت له عيناً لقلنا: يمكن أن يكون البصر بغير العين، كما أن الأرض تحدث أخبارها مع أنها ليس لها أعين.
وعلى كل حال فالله تعالى يبصر بعينيه كما قال ذلك السلف رحمهم الله في كتبهم، فله عينان يبصر بهما، لكنه ليس كبصر المخلوق، فالله سبحانه وتعالى يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء - السوداء أيضاً - في الليلة الظلماء؛ يعني لو كانت أخفى ما يكون فإن الله تعالى يبصرها.
أما نحن فبصرنا محدود، ولا يمكن أن يكون كبصر الله سبحانه وتعالى.
فإذا قال قائل: قد ورد في تفسير بعض السلف لقوله تعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) قال: تجري بمرأى منا، فهل يعتبر هذا تحريفاً أم ماذا؟
فالجواب: ليس هذا تحريفاً؛ لأنهم يقولون: تجري بمرأى منا مع إقرارهم بالعين، ولو أن هذا القول كان من شخص ينكر العين لقلنا: هذا تحريف، والذين قالوا: إن المعنى بمرأى منا، فإن معنى كلامهم أنها تجري ونحن نراها بأعيننا، وكأنهم يريدون بذلك الرد على من زعم أن ظاهر الآية أن السفينة تجري في نفس العين، وحاشا لله.