للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

أما من يتخذ من ذلك مأخذاً على مذهب أهل السنة والجماعة، ويرى أن ذلك خلاف مذهبهم في إجراء نصوص الصفات على ظاهرها، وأن ظاهر الآية أن السفينة في نفس عين الله، فهذا لا شك أنه إلزام باطل، وأن السلف لايلتزمون بهذا، بل يقولون إن هذا ليس مدلول اللفظ، وفي اللغة العربية إذا قال الإنسان: اذهب فأنت بعيني، يعني أراك وألاحظك ولا تغيب عن عيني، ولا أحد يقول: إن الرجل إذا قال لصحابه: أنت بعيني، يعني أنك في نفس العين أبداً، وليس هذا مقتضى لفظ اللغة العربية.

ثم إن في الآية ما يدل على منع ذلك، (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) أي السفينة، فهي تجري في الأرض على الماء الذي خلقه الله عز وجل من الأرض والسماء، فكيف يقال: إن ظاهر الآية أنها تجري في عين الله؟ ، لكنهم يتشبثون بكل شيء من أجل التشنيع على أهل السنة.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (وصفة النزول) يعني من الأمور التي نثبتها لله، وهي ثابتةٌ له من غير تمثيل صفة النزول وفيه عدة مباحث:

المبحث الأول: ما معنى النزول وهل الله سبحانه وتعالى ينزل بذاته؟

النزول: يعني إلى السماء الدنيا، وذلك لأنه تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو اشتهر اشتهاراً قريباً من التواتر أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، ينزل - نزولاً حقيقياً؛ بذاته إلى السماء الدنيا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) (١) .


(١) تقدم تخريجه ص ١٤٠.