وقائل ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن يجب علينا أن نؤمن بأنه أعلم الناس بالله، وأنه أصدق الخلق مقالاً، وانصحهم مقصداً، وأفصحهم نطقاً، فلا أحد أنصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم للخلق، ولا أحد من الخلق أفصح منه ولا أبلغ، ولا أحد من الخلق أصدق منه، ولا أحد من الخلق أعلم منه بالله. وهذه صفات أربع يتصف بها كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وبها يتم الكلام، وهي: العلم والصدق والنصح والفصاحة.
فإذا قال: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا، فإن مراده يكون نزوله تعالى بذاته، وقد صرح أهل السنة بأن المراد نزوله بذاته، وصرحوا بكلمة بذاته مع أننا لا نحتاج إليها، لأن الأصل أن كل فعل أو اسم أضافه الله إليه فهو إلى ذاته، فهذا هو الأصل في الكلام.
فلو قلت في المخلوقين: هذا كتاب فلان، فإن المعنى أن هذا كتابه نفسه لا غيره، وكذلك لو قلت: جاء فلان، فإن المراد أنه جاء هو نفسه لا غيره.
وهكذا كل ما أضافه الله إلى نفسه من فعل أو اسم فالمراد إليه ذاته، لكن على وجه لا نقص فيه، فمثلاً (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) أضافه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذات الله فقال: (ربنا) فوجب أن يكون المراد نزوله بذاته، وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على أن المراد: ينزل ربنا بذاته سبحانه وتعالى.
والدليل على إجماعهم أنه لم يرد عنهم ولو كلمةً واحدةً في أن المراد: ينزل شيء آخر غير الله، وهم يقرؤون هذا الحديث، فإذا كانوا يقرؤونه، ولم يرد عنهم أنهم قالوا: إن المراد: ينزل رحمة من رحمته، أو ملك من