الصلاة والسلام:((اسلم تسلم)(١) . ونحن نقول أيضاً: اسلم تسلم، لكن ليس المراد هنا الدخول في الإسلام، وإنما المراد: استسلم للنصوص، حتى تسلم.
المبحث الخامس: هل النزول من الصفات الفعلية أو من الصفات الذاتية؟
والجواب: النزول من الصفات الفعلية، لأنه فعل يتعلق بالمشيئة، وكل فعل يتعلق بالمشيئة فإنه من الصفات الفعلية.
وقد أنكر بعض الناس صفات الأفعال، وقال: صفات الأفعال لله باطلةً، ولا يمكن أن نثبت لله فعلاً يتعلق بمشيئته إطلاقاً؛ فلا ينزل؛ ولا يجيء يوم القيامة؛ ولا يتكلم بكلام محدث، ثم عللوا ذلك بشبهة عظيمة تنطلي على طالب العلم الصغير، حيث قالوا: إن هذا الفعل أو هذا الكلام، إن كان صفة كمال، وجب أن يتصف الله به دائماً، وإن كان صفة نقص فإنه لا يجوز أن يوصف به، لأن الله منزه عن النقص.
فكل فعل اختياري لله يجب أن ننكره بزعمهم، ويقولون: إن الله لا تقوم به الأفعال الاختيارية؛ لأن هذه الأفعال إن كانت كمالاً وجب أن يكون الله متصفاً بها دائماً، وإن كانت نقصاً لزم أن لا يتصف بها أبداً.
والجواب على هذه الشبهة أن نقول لهم: إنها صفة كمال في محلها، والحكمة لا تقتضيها في غير محلها، فلو جاءت في غير محلها لكانت نقصاً، أرأيت لو أن ولدك أساء فضربته لكان ضربك إياه في ذلك الوقت
(١) رواه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، رقم (٧) ، ومسلم كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي صلي الله عليه وسلم إلي هرقل، رقم (١٧٧٣) .