للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

حكمةً وكمالاً، لكن ضربك إياه وهو يطيع نقص.

فنقول: هذه الأفعال الاختيارية كمال لله في محلها الذي تقتضيه الحكمة، وفي غير محلها لا يمكن أن يتصف الله بها، لأنها في غير محلها لا تقتضيها الحكمة، والله سبحانه وتعالى أفعاله مقرونة بالحكمة، وبهذا تزول هذه الشبهة.

وليعلم أيضاً - وهذه فائدة مهمة - أن جميع ما يتشبث به أهل الباطل في إبطال الحق هو شبهات وليس بحجج، لقوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْه) (آل عمران: الآية ٧) .

ونظير هذا من بعض الوجوه قول من قال من أهل الفلسفة: الدعاء لا فائدة منه فلا ندعو الله؛ لأنه إن كان قدر لنا شيئاً فسيحصل بدون دعاء، وإن كان الله لم يقدره فلن يحصل ولو دعونا. إذاً لا فائدةَ منه وعلمه بحالي كفاه عن سؤالي.

ونرد عليهم بشيء يسير تعرفه العجائز، فنقول: إن الله قدره بهذا الدعاء، وجعل له سبباً وهو الدعاء، وإلا فقل: أنا لن أتزوج، وإن كان الله قدر لي ولد فسيخرج من الأرض، وإن لم يُقدر لي ولد فلن يخرج ولو تزوجت مائة امرأة. ولا أحد يقول هذا الكلام.

كذلك الدعاء أيضاً، فإن الدعاء سبب لحصول المطلوب، فإذا وفقت للدعاء فقد وفقت للإجابة، لقوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر: من الآية ٦٠) وهذا نظيرٌ من بعض الوجوه لقول من يقول: إن أفعال الله الاختيارية لا يمكن إثباتها، لأنها إن كانت كمالاً وجب أن يتصف بها أزلاً