للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (البقرة: الآية ٢٥٥)

فإن النوم هو الميتة الصغرى، ونفيه نفياً لها.

أما استحالته عقلاً: فلأن الموت لا يلحق إلا الناقص: أي ناقص الحياة؛ لأن الموت لا شك أنه فقدٌ للحياة، والحياة صفة كمال، فإذا فقدت زال الكمال، والله سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص.

وقوله: (حقاً) مصدر عامله محذوف تقديره: أحق ذلك حقاً، يعني أثبته إثباتاً لا شك فيه.

وقوله: (والعمى) ، العمى: ضد البصر، فالله سبحانه وتعالى منزه عن العمى وعن العور الذي هو فقد إحدى العينين، ودليل ذلك أيضاً من السمع والعقل:

أما من السمع: فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ((حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) (١) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال: (إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور) (٢) .

وأما عقلاً: فلأن من لا يبصر ناقص، والنقص منزه عنه الله عز وجل، ولهذا قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (مريم: الآية ٤٢) .

ثم ذكر المؤلف قاعدة عامة مطردة فقال: (فكل نقص قد تعالى الله عنه) أي: كل نقص - على سبيل العموم - فإن الله جل وعلا قد تعالى عنه؛ سواء كانت هذه الصفة نقصاً في ذاتها؛ أو كانت الصفة نقصاً في كمالها.

مثل الصفة التي هي نقص في ذاتها: العمى والجهل المطلق.


(١) تقدم تخريجه ص ١٨٤.
(٢) تقدم تخريجه ص ٢٦٩.