للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

ومثال الصفة التي هي نقص في كمالها: العور؛ فالأعور ينظر بعين واحدة وتستقيم أموره، لكن هذه الرؤية ناقصة وليست كاملة.

ولهذا يستدل بعض أهل القيافة على أن هذه البهيمة عوراء برعيها الشجرة، حيث إن العوراء إذا وقفت عند الشجرة ترعى من جانب واحد، لأنها لا ترى الجانب الآخر، فإذا أقبل على بعير ترعى شجرة، ووجدها قد أكلت من اليمين عرف أنها عوراء من اليسار.

ويستدل كل إنسان على الأعور أنه إذا أتاه من جهة العوراء فإنه لا يبصره، لأنه لا ينظر إلا من جهة واحدة، فالعور نقص، وهو نقص في كمال وليس فقداً للكمال.

وكذلك أيضاً في صفة القوة، فلو كان الله ليس فيه قوة إطلاقاً لكان هذا نقصاً في ذات الصفة، فإذا كان فيه قوة ولكنه لا يقوى على بعض الأشياء فهذا نقص في كمال. فالله عز وجل منزه عن الأمرين؛ منزه عن النقص الذي هو فقد الكمال بالكلية، وعن النقص الذي هو نقص في كماله.

أما مماثلة المخلوقين فهي نقص في كماله، فلو قيل لله عينان مثل عيني المخلوق لكان هذا نقصاً في كمال، أو قيل لله علم مماثل لعلم المخلوق لصار أيضاً نقصاً في كمال.

فالحاصل أن الله تعالى منزه عن كل نقص، سواء كان نقصا بحسب الأصل، أو نقصا بحسب الكمال، فالله سبحانه وتعالى منزه عنه، وتنزيه الله عن النقص مأخوذ من قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (النحل: الآية ٦٠) فإن إثبات المثل الأعلى يدل على أن كل ما كان نقصاً فالله منزه عنه؛ لأنه ينافي