للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

الأعلوية، والله يقول: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) . (النحل: الآية ٦٠) .

قوله: (يا بشرى لمن والاه) (يا) : هذه حرف نداء، لكن (بشرى) منادى وهو غير عاقل، فكيف يوجه النداء لغير العاقل؟.

اختلف النحويون في هذا، فقالوا: إذا وجه النداء لغير العاقل فهو للتمني، أو يكون المنادى محذوفاً ويقدر بحسب السياق، ففي قول الشاعر:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجل بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل

هنا خاطب الشاعر الليل وناداه: (ألا أيها الليل) والليل لا يعقل، فقالوا: إن هذا للتمني: يعني يتمنى أن ينجلي الليل، ومع ذلك يقول: حتى لو أنجليت فالصبح ليس أمثل منك، وقال الله تعالى: (قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) (يّس: الآية ٢٦ (بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (يّس: ٢٧) (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) فهذه للتنبيه لأن ليت حرف لا ينادى فتكون للتنبيه.

وقال بعضهم أن المنادى محذوف والتقدير: يا ربي ليت قومي يعلمون.

والبشرى بمعنى البشارة، وهي الخبر السار، فالخبر السار يسمى بشرى، وسمي بشرى لأن البشرة تتغير به، ولهذا إذا سر الإنسان استنار وجهه، كما حصل للرسول عليه الصلاة والسلام حين مر مجزز المدلجي بزيد بن حارثة وأسامة بن زيد، وعليهما رداء قد بدت منه أقدامهما، فقال: (إن هذه الأقدام بعضها من بعض) (١) . فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى صارت أسارير


(١) رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب القائف، رقم (٦٧٧٠) ، ومسلم، كتاب الرضاع، باب العمل بإلحاق القائف الولد، رقم (١٤٥٩)