تحت أرجلنا: كالزلازل والبراكين: (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) يعني القتال والنزاع فيما بينكم، وكل هذه في ظاهرها سيئة، ولكن فيها مصلحة عظيمة، وهي أن نتوب إلى الله ونرجع إليه حتى نتقي هذه العقوبات.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية:(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) ، قال:((أعوذ بوجهك)) ، وفي الثانية:(أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ٍ) ، قال:((أعوذ بوجهك)) ، وفي الثالثة:(أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْض) ، قال:((هذه أهون، أو هذا أيسر)(١) ولهذا وقعت - في الأمة - الثالثة، أما الأولى والثانية فلم تقع في الأمة على سبيل العموم، وربما يوجد في أجزاء من الأرض زلزال أو ما أشبه ذلك، ولكنها ليست عامة.
وبذلك يكون المؤلف رحمه الله قد وافق أهل السنة من جهة، وخالف المعتزلة من جهة أخرى، فالمعتزلة يقولون: إنه يجب على الله فعل الأصلح بجانب الصلاح وفعل الصلاح بجانب الفساد، ولكننا قلنا: إنه إن كان المراد بالصلاح، والفساد، والأصلح ما يناط بالعقل فقول المعتزلة خطأ، وذلك لأن عقولنا تقتصر عن إدراك الصلاح والفساد، فقد نظن هذا الشيء فسادا ويكون صلاحا، وقد نظنه صلاحا ويكون فساداً.
وإن أرادوا بالأصلح ما تقتضيه حكمة الله عز وجل - وإن كان بالنسبة لنا سيئاً - فإن هذا هو ما تقتضيه حكمة الله عز وجل؛ لأن الله لا يفعل شيئاً يكون فساداً، والله عز وجل يقول:(وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ)(البقرة: الآية ٢٠٥) ، ولكننا
(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله ((قل هو القادر على أن يبعث عليكم) ، رقم (٤٦٢٨) .