وقوله:(فلم يجب عليه فعل الأصلح ولا الصلاح) ، أي: إذا كان هناك فعل فيه صلاح، وفعل فيه أصلح، وفعل ليس فيه صلاح ولا أصلح، وفعل فيه سوء، وفعل فيه أسوا، فهذه خمسة أقسام، وفعل الله عز وجل - وحاشاه من ذلك سبحانه وتعالى - الأسوأ، فإن ذلك في نظر المؤلف رحمه الله جائز على الله.
ولكن كلام المؤلف هذا أيضاً فيه نظر ظاهر؛ لأن فعل الأسوأ مع إمكان الصلاح منافٍ للحكمة، لكن قد يخطئ الإنسان في الفهم فيظن أن الأصلح خلاف كذا، ولكن الأمر خلاف ما ظن، فيظن في هذه الحال أن الله فعل الأسوأ وليس كذلك، لكن لو كان الأسوأ حقيقة وتقديرا وتصورا فإننا نقول: إن الله لا يمكن أن يفعله؛ لأنه مناف للحكمة، والله سبحانه وتعالى حكيم لا يمكن أن يفعل إلا ما فيه الخير إما بذاته وإما بغيره.
والحاصل أن هذه المسالة فيها نزاع طويل بين أهل السنة وأهل الاعتزال، فالمعتزلة يرون أن الله يجب عليه أن يفعل الأصلح والصلاح، وأهل السنة يقولون: لا يجب، والصحيح التفصيل وأن نقول: إن الله تعالى يفعل ما كان من مقتضى كماله، ولكن الميزان في الأصلح والصلاح هو الواقع الذي يتبين به أن هذا الفعل الذي أجراه الله عز وجل هو الأصلح.
قال تعالى:(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)(الأنعام: الآية ٦٥) ، فكل هذه في ظاهرها مفاسد ومساوئ، فالعذاب من فوقنا حاصب من السماء أو من