والقضاء والقدر بمعنى واحد إن انفرد أحدهما عن الآخر، ويختلف معناهما عند الاجتماع، فيكون القدر ما قدره الله بالأزل، والقضاء ما حكم به فعلاً، أما إذا قيل: قضاء الله وحده، أو قيل: قدر الله وحده، فهو شامل للمعنيين جميعا.
قوله:(ولم يفت من رزقه ولا الأجل شيء) أي لم يفت من رزقه الذي قدره الله شيء، ولا من اجله الذي كتبه الله له شيء، ودليل هذا قوله تعالى:(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(الأعراف: ٣٤) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)(١) ؛ تستكمل رزقها وأجلها، أي لا يبقى من الأجل ولا لحظة، ولا من الرزق ولا حبة، كلها تستكمل وتنتهي.
فإذا كان الأمر كذلك علمنا بأن الذي يقتل يكون قد مات بأجله، وأن الذي يقتل يكون قد استكمل رزقه.
مثال ذلك: رجل قتل عند زوال الشمس، فلا يقول قائل: إن هذا الرجل فاته الغداء من الرزق، ولو بقي لتغدى. نقول: هذا لا يمكن أبدا؛ لأن الله قدر أن يموت هذا الرجل قبل أن يأتي موعد الغداء، إذاً فالغداء ليس له، ولم يكتب له.
كذلك الأجل، لو قال قائل: هذا الرجل يبقى إلى الليل لو لم يقتل، لقلنا: هذا محال؛ لأن الله قدر أن يموت بهذا السبب في هذه الساعة، فلا يفوت الأجل أبداً بالقتل.
(١) رواه ابن ماجة (٢١٤٤) ، وابن حبان (٣٢٣٩) ، والحاكم (٢/٤) .