وهذا يجب أن تطرده عن قلبك؛ لأنه لابد أن يكون كما حصل، ولا يمكن أبداً أن تسير الأمور إلا على هذا الذي حصل.
ولهذا قال الله تعالى عن المنافقين الذين قالوا:(لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا)(آل عمران: الآية ١٥٦) ، فقال الله عنهم:(لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(آل عمران: الآية ١٥٦) ، فهذه الأمور لا تولد إلا الحسرة. والإحياء والإماتة بيد الله، (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِم)(آل عمران: الآية ١٥٤)
وأنت إذا آمنت بهذا الكلام الذي جاء في الكتاب والسنة وقرره المؤلف رحمه الله، فإنك سوف تستريح ولا تسأم ولا تمل ولا تضجر.
إذاً فمن جملة الأحكام في هذا الباب وجوب عبادة الله عز وجل على جميع العباد، وكذلك فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، فإنه هو عبادته سبحانه وتعالى، وكذلك فإن ما قدره الله أو قضاه، فإنه واقع حتماً ولابد كما قضاه، لا يختلف عما قضاه في الأزل، وهذا يعود إلى وجوب الرضا بالقدر.
والإيمان بالقدر من أركان الإيمان الستة، والرضا بالقدر من الرضا بالله رباً، والإنسان يجب أن يرضى بالله رباً مدبراً يفعل ما يشاء عز وجل.
وهنا مسالة مهمة جداً وهي: هل الواجب بالنسبة للقضاء والقدر، الرضا بالقضاء والمقضي أو الرضا بالقضاء ويستفصل في المقضي؟
بين المؤلف ذلك في قوله رحمه الله:
وليس واجباً على العبد الرضا ... بكل مقضي ولكن بالقضا