للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

وأقول: إن هناك ثلاث جيمات يجب التنبيه والتحذير منها وهي: جهمية وجبرية ومرجئة، فكلها وصف لموصوفٍ واحد؛ فالجهمية هم بإعتبار صفات الله عز وجل معطلة؛ ينكرون الصفات، وهم أيضاً جبرية باعتبار أفعال العبد، يقولون: إن الإنسان مجبرٌ على عمله، لا يستطيع أن يتخلص منه، فلو وجدنا شخصين ينزلان من السطح: أحدهما ينزل بتؤده درجة درجة، والثاني دفعناه من أعلى الدرجة وعجز أن يمسك نفسه، فعندهم الكل سواء وكلهم مجبرون، ومرجئة يقولون: الإيمان هو اعتراف الإنسان بقلبه.

ونحن نلزمهم بأن نقول لهم: إن إبليس عندكم مؤمن كامل الإيمان؛ لأن إبليس مؤمن بالله، ويسأل الله ويدعو الله، فيقول: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (صّ: ٧٩) ، فهو عندهم مؤمن كامل الإيمان، وموحد لأنه مؤمن بالربوبية.

وهؤلاء لاشك أن قولهم مجانب للصواب، وإذا قيل لهم: يوجد آيات وأحاديث فيها وعيد مثل قول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا) (النساء: الآية٩٣)) قالوا: هذا للكافر، أي من يقتل مؤمناً وهو كافر، وهذا لا شك أنه تحريف؛ لأن الله علق هذه العقوبة على وصف وهو القتل، وهؤلاء تركوا هذا الوصف جانباً، وأتوا بوصف جديد وهو الكفر والآية ليس فيها الكفر، فهم ألغوا الوصف الذي رتبت عليه العقوبة وأتوا بوصف جديد.

ونظير هذا قول بعضهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) (١) ، قالوا من جحدها، فألغوا الوصف الموجود،


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، رقم (٨٢) .