للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

واعتبروا الوصف المفقود، وذكر الجحد غير موجود في الحديث، ثم نقول لهم: إذا جُحد وجوب الصلاة ولو كان يصلي الصلوات الخمس كل يوم فهو كافر، فهم ألغوا الوصف الموجود الذي رتب الشارع عليه الحكم، وأتوا بوصف مفقود جديد من عندهم.

ومثل هذه الأشياء إذا تأملها الإنسان عرف أن التعصب للقول سبب للضلال، وأن الإنسان ينبغي أن يستدل ثم يعتقد، لا أن يعتقد ثم يستدل؛ لأنه إذا اعتقد ثم استدل يلوي أعناق النصوص لتوافق ما اعتقد، لكن إذا استدل أولاً ثم اعتقد بنى عقيدته على الدليل، ووافق الدليل.

وأسأل الله أن يعفو لإخواننا العلماء السابقين واللاحقين الذين يعتقدون أشياء، ثم يحاولون لَيّ أعناق النصوص إلى ما يعتقدون، وهذا لا شك أنه خطأ، فنحن نؤمن بأن الأحكام مَردها إلى الله، فإذا حكم الله أو رسوله بحكم لا نستحي أن نطبقه ولا نخجل ولا نتهيب، فالحكم ليس إلينا بل نحن منفذون ولا نهيب، فإذا حكم الله على هذا بالكفر فلنقل: كافر ولا نبالي، وإذا حكم الله على هذا بالإيمان فلنقل: مؤمن ولا نبالي، أما التحكم، واعتقاد كفر المؤمن أو إيمان الكافر فهذا ليس إلينا.

وأحب أن يتنبه طالب العلم لمسألة مهمة، وهي أن يجعل الدليل متبوعاً لا تابعاً، وأن يحذر من أن يلوي أعناق النصوص إلى رأيه، فإن هذا خطر عظيم، ولهذا جاء في الحديث: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)) (١) .


(١) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، رقم (٢٩٥١) .