والطائفة الثانية: قالوا: إن الإيمان قولٌ وعملٌ واعتقاد، وإن هذه الأشياء جزءٌ لا يتجزأ من الإيمان، فمن اعتقد ولم يقل أو لم يعمل فإنه كافر، بمعنى أنهم جعلوا القول والعمل جزءاً من الإيمان وشرطاً في وجوده، حتى قالوا: إن فاعل الكبيرة خارج من الإيمان، ولو صلى وصام وزكى وحج، ثم اختلف هؤلاء، فقال بعضهم: يكفر، وقال بعضهم: يكون في منزلة بين منزلتين.
وتفرع عن هؤلاء طوائفٌ كثيرة، لكن هذه هي الأصل، فمنهم من يقول الإيمان هو القول فقط، فإذا قال الإنسان بلسانه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فهو مؤمن، لكنه مخلد في النار؛ لأن من قال بلسانه ولم يعتقد بقلبه فهو منافق، وهؤلاء يسمونه مؤمناً، ولكنهم يقولون: إنه مخلد في النار، وهذا لا شك أنه مناف لقول أهل السنة والجماعة وللقران أيضاً، لقول الله تعالى:(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)(البقرة: ٨) ، وأيضاً فإن الله سمى هؤلاء الذين يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم منافقين، فكيف نسميهم مؤمنين؟!
إذاً أهل السنة والجماعة يقولون: الإيمان قول وعمل واعتقاد، ويستدلون لذلك بأدلة كما ذكرنا فيما سبق، وخالفهم - مخالفة أصلية - طائفتان:
الطائفة الأولى: قالوا: إن الإيمان هو اعتقاد القلب فقط، والأعمال لا تدخل في الإيمان، وهؤلاء هم المرجئة، وعلى رأسهم الجهمية الذين يقولون: إن الناس في الإيمان سواء، وإن الإيمان هو اعتقاد القلب، وأما