للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

المصدوق. فقال: ((أنا سيد ولد آدم)) (١)

وهل النبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق أو سيد ولد آدم؟

والجواب: هذا ينبني على الخلاف في اعتبار أن ولد آدم أشرف للمخلوقات، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء: ٧٠) ، فلم يقل الله تعالى: فضلناهم على من خلقنا، بل قال: (عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا) (الإسراء: الآية٧٠) ، فمن خلق الله تعالى من لم يفضل عليهم بنو آدم.

ومن ثم اختلف العلماء رحمهم الله في تفضيل الملائكة على بني آدم، فقيل: إن الملائكة أفضل لأنهم خلقوا من نور، ولأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولم يفتتنوا بالدنيا، وعلى ذلك فهم أفضل.

وقال آخرون: بل بنو آدم أفضل لأن الله سخر الملائكة لهم في الدنيا وفي الآخرة، ولأنهم ابتلوا بالفتن فصبروا، ومن ابتلى بالفتن وصبر نال درجة الصبر، بخلاف من لم يفتن، فدرجة الصبر عنده ضعيفة، ولأن في بني آدم الرسل والنبيين والصديقين والشهداء.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (٢) : الملائكة أفضل باعتبار البداية؛ لأنهم خُلقوا من نور، واصطفاهم الله لنفسه، وبنو آدم أفضل باعتبار النهاية؛ لأنهم هم الذين يكونون في جوار الله في الجنة، والملائكة


(١) تقدم تخريجه ص ٧٥.
(٢) انظر مجموع الفتاوى ٤/٣٤٢-٣٤٣.