للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم، فهم أفضل باعتبار النهاية، وبذلك يكون قد جمع بين القولين رحمه الله.

وبناء على هذا إذا قلنا: بنو آدم أفضل من الملائكة، فمحمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق، وإذا قلنا الملائكة أفضل، فإنه يبقى النظر: هل محمد صلى الله عليه وسلم أفضل منهم؟ وذلك يحتاج إلى إثبات؛ لأن تفضيل الجنس على الجنس لا يمنع أن يكون فرد من أفراد هذا الجنس أفضل من الجنس الثاني، فتفضيل الجنس على الجنس تفضيل مطلق على مطلق، وتفضيل الفرد على الفرد أو على الجنس تفضيل معين، وإذا كان في هذا الجنس من فاق الجنس الأول لا يلزم أن يكون هذا الجنس أفضل من الآخر، فالفضل المطلق غير الفضل المقيد.

ولهذا لو قال قائل مثلاً: يوجد لعثمان رضي الله عنه مناقب ليست لعلي، ولعلي مناقب ليست لعثمان، ولعمر مناقب ليست لأبي بكر، ولأبي بكر مناقب ليست لعمر، فإن الفضل الخاص لا يلغي الفضل المطلق العام، وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام انه في آخر الزمان أيام الصبر، للعامل فيهن أجر خمسين من الصحابة (١) ، فلا يقال: إن هذا العامل الذي في آخر الزمان أفضل من الصحابة، أو أفضل من الخمسين، فهذا فضله خاص، حيث عمل في هذا الزمان المظلم الذي لا يجد فيه من ينصره، بل يجد من يستهزئ به ويسخر به، والصحابة كلهم يعملون بالحق، فكان أجر خمسين من الصحابة لما يعانيه من القيام بشرائع دينه، وليس أفضل من الصحابة بلا شك. ولو عبر المؤلف رحمه الله بسيد بني آدم لكان أسد وأسلم


(١) رواه ابوداود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، رقم (٤٣٤١) ، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، رقم (٣٠٥٨) . وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) رقم (٤٠١٤) .