أما الحكم الشرعي فلا يكون ألا فيما يرضاه الله عز وجل، إما أن يرضى وجوده وإما أن يرضى عدمه، فإن كان مأمورا به فقد رضي وجوده، وإن كان منهيا عنه فقد رضي عدمه.
وقوله (الحكيم) سبق أن الحكيم بمعنى الحاكم وبمعنى المحكم، وكل أحكام الله سبحانه وتعالى الكونية والشرعية كلها محكمة مبنية على الحكمة، فما من حكم كوني حكم الله به ألا وهو مطابق للحكمة، وما من حكم شرعي حكم الله به ألا وهو مطابق للحكمة.
والحكمة نوعان: غائية وصورية:
أما الغائية: فهي بمعنى أن الشيء إنما كان لغاية حميدة.
والصورية: بمعنى أن كون الشيء على هذه الصورة المعينة لحكمة، فإذا تدبرت الصلاة وكونها على هذا الوجه: قيام، ثم ركوع، ثم قيام، ثم سجود، ثم قعود، هذه صورية مطابقة للحكمة تماما.
كذلك الغاية منها أيضا حكمة؛ فالغاية منها: الثواب والأجر عند الله عز وجل.
وهكذا أيضا المخلوقات؛ فكون الشمس بهذا الحجم، وبهذه الحرارة وبهذا الارتفاع هذه صورية، هذا مناسب للحكمة تماما. ثم الثمرات الناتجة عن الشمس غائية.
فالحاصل أن حكمة الله عز وجل تتعلق بالشيء من حيث صورته، ومن حيث غايته، وكل ذلك مطابق للحكمة.
ولكن هل الحكمة معلومة للخلق؟ . والجواب: أن الحكمة قد تكون معلومة، وقد تكون غير معلومة، لكن كونها غير معلومة، وقد تكون غير معلومة، لكن كونها غير معلومة لا يعني إنها معدومة، بل إنها موجودة لكن لقصورنا أو تقصيرنا لم نصل إليها.