للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة، فلما عظم ذلك على الصحابة وشق عليهم قالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الواحد؟ فقال: أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج)) (١) . وهذا يدل على أنهم بشر من بني آدم؛ فلهم ما لبني آدم وعليهم ما عليهم.

فهم بشر يأكلون، ويشربون، ويرتدون، ويأتزرون.

وعلى ذلك فنحن لا نصدق ما اشتهر في بعض الإسرائيليات وعند العامة، وبعض كتب الوعظ من أنهم مختلفون في الخلقة، فبعضهم طويل جداً جداً يأخذ السمكة من قاع البحر ويشويها في قرص الشمس، ويقولون: إن بعضهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، أي أن آذانهم كبيرة طويلة، وبعضهم قصير جداً يترادفون على ربع الصاع - وهو المد - فيظنونه بئراً، فيقول أعلاهم إذا نظر في هذا المد وليس فيه ماء: إن بئركم لا ماء فيه، وذلك لأنهم قصار. وكل هذا لا أصل له.

وسموا يأجوج ومأجوج من الأجيج، أي أجيج النار، والنار إذا اضطرمت اضطربت وصار لهبها يتداخل بعضه في بعض، وهم لكثرتهم هكذا، ولهذا يقول الله عز وجل لعيسى بن مريم: ((إني قد أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتاهم)) (٢) ، فهم كثيرون جداً، وإذا نظرت إليهم وجدتهم كأنهم قرية نمل أو ذر، هذا يجئ وهذا يروح، متداخلون مثل لهب النار يتداخل بعضه مع بعض.

وعندهم طيش وعجلة وعدوان على الخلق، بل وعلى الخالق؛ فهم


(١) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الحج، رقم (٣١٦٩) .
(٢) تقدم تخريجه ص ٢٦٤.