يجتمعون في قاعة كبيرة، ويأخذون بنشابهم التي يرمون بها فيصوبونها نحو السماء، ثم يطلقون السهام فترجع السهام مخضبة بدماء. امتحانا من الله، فيقول بعضهم لبعض: غلبنا أهلَ السماء، فهلم لنغلب أهل الأرض، فيغزون الناس، ويحصل فيهم فتنة عظيمة.
وجاء في حديث النواس بن سمعان الطويل، قال: يقول الله تعالى لعيسى بن مريم: إني قد بعثت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور فيحرزهم إلى الطور، ويبقون في الجبل حتى يلحقهم من المشقة ما شاء الله، ثم يرغب عيسى عليه الصلاة والسلام ومن معه إلى الله عز وجل في أن يهلك هؤلاء القوم، فيرسل الله عليهم النغف في أعناقهم أو في رقابهم، والنغف دودة كبيرة تقضي على المخ والنخاع الشوكي والشرايين العصبية، فيصبحون موتى ميتة رجل واحد، فيملؤون الأرض نتناً وزهماً ورائحة كريهة، فيرغب عيسى بن مريم إلى الله عز وجل أن يخلصهم من شر هذه الأجساد المنتنة، فيبعث الله تعالى طيورا كأعناق الإبل تأخذ الواحد منهم فترميه في البحر (١) .
فهؤلاء هم يأجوج ومأجوج، وهم من أشراط الساعة الكبيرة القريبة من قيامها.
فإن قال قائل: جاء في قصة ذي القرنين كما قال الله تعالى في سورة الكهف: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً)(الكهف: ٩٢)(حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لايَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَولاً)(الكهف: الآية٩٣) ، وذلك لأن لغتهم كانت غريبة، (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً