للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

يتناولون أحجارها ويلقونها في البحر، ولا يسلط عليه أحد (١) ؛ لأن الله عز وجل قد قضى بنهاية هذه الكعبة

أما أصحاب الفيل فحماها الله منهم؛ لأنه لم يقض أجلها بعد، ولأن هناك رسولاً يبعث من أم القرى يدعو الناس إلى حج هذا البيت، فكان من حكمة الله عز وجل أن دافع الله عنه حتى بقي ولله الحمد.

ولا شك أن الله تعالى يسلط هذا الرجل الحبشي على بيت الله فينتقضه حجراً حجرا، وإنما يكون ذلك - والله اعلم - إذا عتى أهل مكة فيها، وأهانوا حرمة البيت، وذلك بالمعاصي؛ من شرك وزنى ولواط وشرب خمر وغير ذلك، فحينئذٍ لا يبقى مكان لهذا البيت المعظم بين هؤلاء الذين أهانوه، أما ما دام معظماً فإن لله سيحميه، لكن إذا أسقطت حرمته من أهل مكة؛ حينئذٍ لا يبقى له مكان بين هؤلاء القوم.

ونظيره ما ذكره المؤلف رحمه الله: (وأنه يذهب بالقرآن) وهذا أيضاً من أشراط الساعة، أنه يذهب بالقرآن؛ فينزع من صدور الرجال ويمحى من المصاحف، في ليلة واحدةٍ يقوم الناس والحفاظ وقد نسوا، والمصاحف بيضاء ليس فيها كتابة. وهذا هو أحد المعنيين في قول السلف: منه بدأ واليه يعود، أي يرجع في آخر الزمان، فلا يبقى مصاحف، ولا قرآن في الصدور.

فإذا قال قائل: كيف يكون ذلك وما هي الحكمة من ذلك؟

فالجواب عن هذا ما ذكرناه في الكعبة؛ حين يعرض الناس عن كتاب الله فلا يتلونه حق تلاوته، ولا يصدقون أخباره، ولا يعلمون بأحكامه، فيبقى


(١) رواه البخاري، كتاب الحج، باب هدم الكعبة، رقم (١٥٩٥) .