الصحابة رضي الله عنهم في أبواب العلم لوجدته ينقص كثيرا عن مؤلف من مؤلفات علماء الكلام؛ الذي ليس فيه ألا حشو الكلام الذي لا منفعة فيه، بل فيه مضرة؛ أدناها إضاعة الوقت.
وأنت تجد كلام الصحابة رضي الله عنهم سهلا واضحا سلسلا، ليس فيه تكلف ولا تشدد، بل كله مبني على السهولة، لما افطر الناس في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن تغرب الشمس - لأنها كانت غيما - ثم طلعت الشمس، قالوا: يا أمير المؤمنين إن الشمس قد طلعت، قال:((الخطب سهل إننا لم نتجانف لإثم)) كلمات يسيرة واضحة سهلة بينت الحكم والحكمة، الخطب سهل لأننا لم نتجانف لإثم، إذا لا شيء علينا، وفي رواية أخرى قال:((الخطب سهل نقضي يوما مكانه)) فيكون له في المسألة قولان.
فعلم السلف رحمهم الله وخصوصا الصحابة رضي الله عنهم، وخصوصا الخلفاء الراشدين، تجده سهلا بينا واضحا، حتى النفس تلتذ له ولسماعه، فهذا هو المقصود بقول المؤلف رحمه الله (الأسرار) فالأسرار إذا جمع سر، والمراد بها خفايا العلوم والأخلاق التي تكون عند الصحابة رضي الله عنهم، بدون تكلف وبدون تعمق، بل بكل سهولة تجري على النفوس وعلى القلوب مجرى سهلا هيناً.