للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

ثانياً: لا يعود على أولها بالاتفاق.

ثالثاً: وفي عودة الاستثناء على أوسطها خلاف.

ومن الحدود حد قطاع الطريق، قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً) (المائدة: الآية٣٣) ، فهؤلاء يقفون على الطرق ومعهم السلاح ومن مر اخذوا ماله أو قتلوه، وما أشبه ذلك، فهؤلاء حدهم كما قال تعالى: (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْض) (المائدة: الآية٣٣)

وهذه الأنواع الأربعة من الحدود التي ذكرنا، كلها حدود لا إشكال فيها.

واختلف العلماء رحمهم الله في الخمر هل عقوبته حد أو تعزير، والصحيح أنها تعزير، ويدل لذلك ما يكاد يكون إجماعاً من الصحابة رضي الله عنهم واستشارهم فيما يصنع، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين، أخف الحدود ثمانون؛ يعني فاجلد شارب الخمر هذا الجلد، فأمر به عمر فارتفع إلى ثمانين جلدة (١) ، وهذا يكاد يكون كالإجماع؛ لأن كونه أخف الحدود يعني أن عقوبة الخمر ليست حداً.

ويدل لذلك أيضاً انه لو كانت عقوبة الخمر حدا، ما كان لعمر أن يغيرها، قال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا) (البقرة: الآية٢٢٩) ، ولهذا فإنه لو كثر بين الناس اقتراف الزنا - نسأل الله العافية - فإننا لا يمكن أن نزيد المائة جلدة إلى مائتين مثلاً، وذلك لأن الحدود لا تزاد، وهذا يدل على أن عقوبة


(١) رواه مسلم، كتاب الحدود، باب حد الخمر، رقم (١٧٠٦) .