بها، ويكون تعطيلها بإنكار دلالتها على الشيء، فلا يعمل بها، فيكون مثلا سميعا بلا سمع، كمن يقول في قوله تعالى:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ)(إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)(القيامة: ٢٣) أي منتظرة لثواب ربها، فيعطل النص عما أريد به.
وفي قوله تعالى:(وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً)(الفجر: ٢٢) ، أي: وجاء أمر ربك فهو بهذا قد عطل النص وعطل الله. عطل الله عن مجيئه الحقيقي وعطل النص بان حرفه فعطل معناه المراد به لان المراد بالنص (وجاء ربك) ، أي: جاء الله عز وجل نفسه. فإذا قال: جاء أمر ربك فقد عطل النص عن معناه المراد به.
والذين يحرفون النصوص قالوا على الله بلا علم، في الإثبات وفي النفي، فقالوا: إن الله أراد كذا، وهو لم يرد، وقالوا: لم يرده، وهو قد أراده.
ولو قال قائل: كيف تجزمون بأنه أراده؟ أليس يحتمل أن يكون مراده ما حرفوه إليه؟
فالجواب: أن الله سبحانه وتعالى يخاطبنا بما تقتضيه عقولنا، وكلام الله سبحانه وتعالى موجه إلينا، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا ألا وبينه، فلو كان المراد غير ظاهره لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، إذا نحن نجزم أن ظاهره مراد، لأنه لم يرد خلافه عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولو كان المراد خلفه لبينه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا يصح أن نقول: اجمع الصحابة رضي الله عنهم على أن الله يجيء بنفسه.
فإذا قال قائل: هاتوا لنا حرفا واحدا عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو