فمثلا يثبتون أن الله قدير، وأن هذا الاسم متضمن لمعناه وهي القدرة، ويعتقدون أن الله تعالى قادر بقدرة لا يلحقها نقص ولا يلحقه بها عجز، ويعملون بمقتضى ذلك، والعمل بمقتضى ذلك بان يعلموا أنه لو شاء الله عز وجل لأخذهم أخذ عزيز مقتدر إذا خالفوا أمره، فالإنسان له قدرة، لك هذه القدرة فيها نقص؛ لان الإنسان لا يقدر على كل شيء، أما قدرة الله فليس فيها نقص، فإن الله على كل شيء قدير.
وهكذا جميع النصوص يثبتونها مع عدم النقص في إثباتها؛ سمع لا يعتريه صمم، وبصر لا يعتريه عمى، وكلام لا يعتريه خرس ولا عي؛ فكل النقص ينزهون الله سبحانه وتعالى عنه.
قال:(من غير تعطيل) يعني أنهم ينزهون الله تعالى تنزيها خاليا عن التعطيل.
والتعطيل: هو تخلية الله سبحانه وتعالى عما يجب له من الأسماء والصفات؛ لان أصل التعطيل التخلية، والشاهد على أن التعطيل بمعنى التخلية قوله تعالى:(وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ)(الحج: الآية ٤٥) أي مخلاة متروكة، فالتعطيل معناه تخلية الله عما يجب له من الأسماء والصفات.
ويجوز أن نقول إن التعطيل يعود على النصوص، فيكون المعنى: تعطيل النصوص عما دلت عليه، وحينئذ فيكون للتعطيل وجهان: إما تعطيل الخالق أو النصوص، فإن كان الخالق؛ فمعنى تعطي الخالق: أن الله تعالى لا يوصف بما وصف به نفسه، وإن كان من النصوص فتعطيلها أن لا يعمل