يشتمل على فسادهم، فهذا النوع حسن وقبيح، وقد يعلم بالعقل والشرع حسن ذلك وقبحه، لكن لا يلزم في العقول أن الإنسان معاقب على فعل القبيح من هذا النوع في الآخرة إن لم يرد الشرع بذلك، ومن ادعى أن الله يمكن أن يعاقب العباد على أفعالهم القبيحة من الشرك والكفر ونحو ذلك من غير إرسال رسول فقد أخطأ.
الثاني: إذا أمر الشارع بشيء صار حسناً، وإذا نهى عن شيء صار قبيحاً، واكتسب الفعل صفة الحسن والقبح بخطاب الشرع.
الثالث: أن يأمر الشارع بشيء امتحاناً واختباراً كما أمر الله إبراهيم بأن يذبح ولده إسماعيل. فالشارع ليس له قصد في ذبح الابن، ولكنه الابتلاء والاختبار.
والمعتزلة أقرت بالنوع الأول دون الثاني والثالث. والأشعرية ذهبت إلى أن جميع الأوامر والنواهي الشرعية هي من قسم الامتحان، والأفعال ليست لها صفة لا قبل الشرع ولا بالشرع، وأما الحكماء وجمهور أهل العلم فأثبتوا الأقسام الثلاثة (١) .
وهذا الذي عليه جمهور أهل السنة من أفعال الله معللة وأن العقل بإمكانه أن يدرك ما في الأفعال من حسن وقبح، يفتح الباب أما العقول الإنسانية لتبحث في الحِكَم الباهرة التي خلق الله من أجلها المخلوقات، وشرع من أجلها ما شرعه من أحكام، وهو باب كبير، يحصل العباد منه على علم عظيم، يثبت الإيمان، ويزيد اليقين، ويُعِّرف العباد بإبداع الخالق
(١) راجع في تعليل أفعال الله ومسألة التحسين والتقبيح العقلي: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٨/ ١٢٢، ٣٠٨، ٤٢٨.