للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخير إلى الله تعالى، والشر إلى غيره، والله - سبحانه وتعالى - خالق الخير والشر جميعاً، لا يكون شيء منهما إلا بمشيئته، فهما مضافان إليه - سبحانه وتعالى - خلقاً وإيجاداً، وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلاً واكتساباً " (١) (٢) .

ونشأ في آخر عهد بني أمية أقوام يزعمون أن العبد مجبور على فعله، ليس له خيار فيما يأخذ أو يدع، وبعضهم يثبت للعبد قدرة غير مؤثرة، وأول من ظهر عنه هذا القول هو الجهم بن صفوان، وتفرع عن هذه البدعة أقوال شنيعة، وضلال كبير (٣) .

وقد انتشر هذا القول في الأمة الإسلامية وتقلده كثير من العباد والزهاد والمتصوفة، وإذا كان الفريق الأول أشبه المجوس فإن هذا الفريق أشبه المشركين الذين قالوا: (لو شاء الله ما أشركنا ولا ءابآؤنا ولا حرمنا من شيء) . [الأنعام: ١٤٨] .

وهذا الفريق شرٌّ من الفريق الأول، لأن الأولين عظموا الأمر والنهي، وأخرجوا أفعال العباد عن تكون خلقاً لله، وهذا الفريق أثبت القدر، واحتج به على إبطال الأمر والنهي (٤) (٥) .


(١) نقل هذا الكلام النووي في شرحه على مسلم: ١/١٥٤ عن الخطاببي. وانظر جامع الأصول: ١٠/١٢٨.
(٢) سيأتي مزيد بيان لهذه الفرقة ومعتقداتها وبيان ضلالتها عندما نتكلم على الذين ضلوا في باب القدر.
(٣) راجع مجموع فتاوي شيخ الإسلام: ٨/٤٦٠، والملل والنحل للشهرستاني: ١/٨٥.
(٤) عقيدة السفاريني: ١/٣٠٦.
(٥) سيأتي مزيد بحث عن أصحاب هذا التوجه.

<<  <   >  >>