للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك وعلق على حادثة صلاة المسلمين في بني قريظة وتعنيف الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم لهم كل بحسب فهمه للأمر الذي أصدره إليهم: (لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة) «٥٨» ، إذ علق على هذه الحادثة قائلا: " فأما التعنيف فإنما يقع على العاصي المتعمد المعصية وهو يعلم أنها معصية وأما من تأول قصدا للخير، فهو وإن لم يصادف الحق غير معنف، وعلم الله تعالى أننا لو كنا هناك لما صلينا عصر ذلك اليوم إلا في بني قريظة ولو بعد أيام" «٥٩» .

هذه هي الاراء والتعليقات الفقهية التي بثها في تضاعيف كتابه هذا والتي أعطت صورة ناصعة عن بروز هذا الأثر المذهبي في كتابة السيرة، وهذا الأمر لم يكن مألوفا في مصنفات السيرة التي سبقتها، مع العلم أن محققي هذه السيرة قد قللوا من بروز هذا العامل في الكتاب وجعله مجرد إشارات عابرة لا تستحق الذكر فضلا عن تصريحهم بالقول: " ان الظاهرية لم تستعلم في تفسير ابن حزم للروايات التي أوردها، وان طبيعة السيرة قد حجمت من تحرك ابن حزم من أن ينطلق بانتزاع الأحكام من النصوص" «٦٠» ، وهذا الرأي تدحضه كثرة النصوص التي وردت في ثنايا هذه السيرة مردفة بتعليقات فقهية توافق مذهبه والتي استعرضناها آنفا.

كان هذا الكتاب محط أنظار العلماء الذين أتوا بعده، والذين تعرضوا في مصنفاتهم لسيرة الرسول وأحواله، إذ علقوا على آرائه التي أوردها في هذا


(٥٨) ينظر، المصدر نفسه، ص ١٩٢.
(٥٩) المصدر نفسه، ص ١٩٢.
(٦٠) عباس، الأسد، مقدمة التحقيق، ص ١١.

<<  <   >  >>