للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخلاق فحسب، وذلك لأن أثره لم يكن منحصرا في الكتب التي صنفت في هذا الجانب، بل تعدته إلى كتب السيرة الأخرى التي لم يماثله أي واحد منها في الأسلوب الذي عالج به الروايات والاراء التي خرج بها من معالجته لها، مما كان لهذا الأمر أثر فعال في ظهور هذا الكتاب بهذه الحلة التي تميز بها عن باقي كتب السيرة، تركز أثر القاضي عياض في تطور كتابة السيرة أولا وكتب الشمائل والأخلاق ثانيا في محاور عدّة هي:

١. الخطابية والصنعة البلاغية في كتابة الجمل الواردة في الكتاب، وهذا الأمر قد أوضحه أحد الباحثين بالقول: " ولعل أهم خاصية يتميز بها [هذا الكتاب] انسياق الجملة عنده لأنها بنيت على أساس خطابي يقترض من الخطابة أدواتها وهو يتخيل القراء أمامه مثل جمهوره الذي يتصل به في كل جمعة أو مناسبة دينية ليخاطبهم فتراه يستعمل ضمير المخاطب ويكثر من استعمال أدوات التنبيه وينوع الجملة من حيث الطول والقصر، ويزاوج بين الجمل الفعلية والاسمية ليضمن استمرار يقظة القارئ" «٧١» ويضيف هذا الباحث في مكان آخر واصفا هذا الأسلوب: " وأسلوب أي صياغته اللغوية صنفان صنف يغلب عليه السرد العلمي، وآخر يكثر فيه التحليق في فضاء فسيح الأرجاء يفوح بعطر الروضة الشريفة، والحق إن النصوص التي خرج منها عياض عن السرد جاءت بارزة بشكل واضح كأنها واحات يفيء إليها من هجر النقاش الفكري المضني، ففيها كان عياض يجد راحته فيطلق العنان لخياله فأبدع ما شاء الله أن يبدع" «٧٢» .


(٧١) شقور، القاضي عياض الأديب، ص ١٤١.
(٧٢) المصدر نفسه، ص ١٣٧- ١٣٨.

<<  <   >  >>