للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن الجمل التي استعمل فيها القاضي عياض هذا الأسلوب: " أعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم إن خصال الجلال والكمال في البشر نوعان ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة، ومكتسب ديني وهو ما يحمد فاعله ويقربه إلى الله زلفى إذ كان خصال الكمال والجلال ما ذكرناه ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها أو اثنتين إن اتفقت ... فما ظنك بعظيم قدر ما اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما يأخذه عدد ... ولا ينال بكسب ولا حيلة" «٧٣» ، وفي موضع آخر من هذا الكتاب ذكر عبارة استعمل فيها فنونا بلاغية أضفت عليها لمسة جمالية، وهذه العبارة تمثلت بقوله: " وجدير بمواطن عمرت بالوحي والتنزيل وترد بها جبريل وميكائيل وعرجت منها الملائكة والروح وضجت عرصاتها بالتقديس والتسبيح واشتملت تربتها إلى جسد سيد البشر، وانتشر عنها مدارس آيات ومساجد وصلوات ومشاد الفضل والخيرات ومعاهد البراهين والمعجزات ومناسك الدين ومشاعر المسلمين ومواقف سيد المرسلين ومتبوأ خاتم النبيين" «٧٤» .

وصف أحد الباحثين عمل القاضي عياض بالقول: " إن الكاتب قد أطلق العنان لفكره ولا أقول لخياله ... فعياض يواجه القارئ بمادة دسمة ... فتراه يبرز المعنى الواحد في أثواب مختلفة فكأنما همه أن ترى تلك الثياب التي لا تروقك بألوانها ولكن بشدة الحبك ودقة الحياكة" «٧٥» ، وينتهي هذا الباحث إلى


(٧٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ١/ ٤٨٣.
(٧٤) المصدر نفسه، ٢/ ٥٨.
(٧٥) شقور، القاضي عياض الأديب، ص ١٤٤.

<<  <   >  >>