تلك الروايات التي تتحدث عن مواقف العباس بن عبد المطلب وأحواله أثناء الدعوة الإسلامية، مع تفخيم دور البيت العباسي في انتشار الإسلام.
خامسا: كان للتجربة التي قام بها ابن إسحاق حين كتب أول سيرة شاملة للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم صدى واسع عند المسلمين، إذ حفزت هذه التجربة علماء المسلمين ومحدثيهم على إفراد مصنفات تتناول حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ودوره في أحداث عصره خالية من الأقوال والأحكام التشريعية. فكان ذلك بداية لانفصال عرى الترابط بين سيرة الرسول وحياته الشخصية من جهة، وبين أقواله وأفعاله من جهة أخرى؛ مع العلم أن أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأفعاله عدّت أحكاما واجبة التنفيذ من قبل المسلمين، لأن السنة النبوية الشريفة المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن، فقام المحدثون بالاهتمام بهذه الأحكام وترك وصف الحوادث التي عاشها الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم إلى أهل الأخبار ومن ثم المؤرخين، فنشأ عن هذا الأمر في بدايته مجموع من الإخباريين عرفوا بأصحاب المغازي والسير.
سادسا: تعددت مصنفات السيرة وتكاثرت على طول العصر العباسي بسبب تشعب الغايات والمقاصد التي من أجلها كتبت، والظروف التي أحاطت بكتابتها أيضا. إذ كانت هنالك غايات علمية تمثلت جيدا وبوضوح الأمر بجهود عبد الملك بن هشام المعافري في نقد بعض الأشعار التي حوتها سيرة ابن إسحاق، حين بين عبد الملك أن بعض هذه الأشعار نسبت إلى غير قائليها، فضلا عن ضعف وركاكة الأشعار الأخرى، ولكن هذه الغاية