للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ اعتمد هذا الباحث على مقولة الإمام مالك بن أنس (ت ١٧٩ هـ) التي مفادها: " أنه لم يكن مع ابن شهاب كتاب إلا كتاب في نسب قومه" «١٤٠» .

إن هذا الرأي لا ينفي مطلقا كون الزهري قد دون بعض أخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في صحف أو دفاتر اعتمد عليها من أتى بعده بدليل أن معمر بن راشد الذي يعد من أحد رواة أحاديثه، قد قال: " كنا نرى انا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من علم الزهري" «١٤١» .

وقد طعن الزهري لكثرة تقربه للأمويين ومجالسته لهم، إذ وصف بالقول:

" أي رجل الزهري لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك" «١٤٢» ، وأن التقرب لدى الحكام كان يعدّ مثلبة تسجل على العلماء، حتى صرح الإمام جعفر بن محمد الصادق (ت ١٤٨ هـ) بالقول معقبا على هذا الأمر: " الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم" «١٤٣» ، ولهذا الأمر كان الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) (ت ٩٤ هـ) كثيرا ما كان ينصحه بترك علاقته تلك مع الأمويين وانعكاسها على سمعته كعالم له مكانته حتى بعث له برسالة طويلة بين فيها مساوئ العلاقة بين الحكام والعلماء لأن الحكام يتخذون العلماء مقصدا يلتمسون منه كسب رضا عامة الناس وإيجاد من يسوغ لهم


(١٤٠) ابن عبد البر، يوسف، الانباه على قبائل الرواة، دار الثقافة، بيروت، ط ٤، ١٩٨٤، ص ٤٤.
(١٤١) ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله، ص ٤٧٦.
(١٤٢) الذهبي، تأريخ الإسلام، تحقيق: عبد السلام تدمري، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٤، ١٩٩٥، ٥/ ١٤٩.
(١٤٣) أبو نعيم الأصفهاني، حلية الأولياء، ٣/ ١٩٤.

<<  <   >  >>