(مسألة) في تحريم الربا وما يفعل من المعاملات بين الناس اليوم ليتوصلوا بها إلى الربا، وإذا حل الدين يكون المديون معسرا، فيقلب الدين في معاملة أخرى بزيادة مال، وما يلزم ولاة الأمور في هذا؟ وهل يرد على صاحب المال رأس ماله دون ما زاد في معاملة الربا؟
(الجواب) : المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع، وقد (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، ولعن المحلل والمحلل له) ، قال الترمذي: حديث صحيح؛ فالاثنان ملعونان. وكان أصل الربا في الجاهلية أن الرجل يكون له على الرجل المال المؤجَّل، فإذا حلَّ الأجل قال له: أتقضي أم تربي؟ فإن وفَّاه وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد هذا في المال؛ فيتضاعف المال والأصل واحد؛ وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين.
وأما إذا كان هذا هو المقصود، ولكن توسلوا بمعاملة أخرى فهذا تنازع فيه المتأخرون من المسلمين، وأما الصحابة فلم يكن فيهم نزاع أن هذا محرم؛ فإنما الأعمال بالنيات، والآثار عنهم بذلك كثيرة مشهورة. والله -تعالى- حرَّم الربا لما فيه من ضرر المحتاجين وأكل المال بالباطل، وهو موجود في المعاملات الربوية. وأما إذا حلَّ الدَّيْن، وكان الغريم معسرا لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب بالقلب لا بمعاملة ولا غيرها، بل يجب إنظاره، وإن كان موسرا، كان عليه الوفاء؛ فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره، ولا مع إعساره، والواجب على ولاة الأمور بعد تعزير المتعاملين بالمعاملة الربوية بأن يأمروا المدين أن يؤدي رأس المال، ويسقطوا الزيادة الربوية؛ فإن كان معسرا وله مغلات يوفَّي منها، وُفِّيَ دينه منها بحسب الإمكان، والله أعلم.