للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لأنه أعلى مرتبة من الشهيد، ومنه يؤخذ انتفاء السؤال في حقه صلى الله عليه وسلم وفي حق سائر الأنبياء.

وفي بحث بعض الحفاظ: أن الملك لا يسأل، لأن السؤال يختص بمن شأنه أن يفتن، وفي حديث حسنه الترمذي والبيهقي وضعفه الطحاوي: "من مات ليلة الجمعة أو يومها لم يسأل" وجزم الترمذي والحكيم بأن المعلن بكفره لا يسأل، ووافقه ابن عبد البر، ورواه عن بعض كبار التابعين، لكن خالفه القرطبي وابن القيم، واستدلاله بآية: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} ١ وبحديث البخاري: "وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري" ٢ – بالواو – ورجحه شيخ الإسلام ابن حجر بأن الأحاديث متفقة على ذلك، وهي مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة. وجزم الترمذي والحكيم وابن عبد البر أيضا بأن السؤال يختص بهذه الأمة، لحديث مسلم: "أن هذه الأمة تبتلى في قبورها" ٣، وخالفهم جماعة، منهم ابن القيم وقال: ليس في الأحاديث ما ينفي السؤال عمن تقدم من الأمم، وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن كيفية امتحانهم في القبور، لا أنه ينفي ذلك عن أولئك.

وتوقف آخرون وللتوقف وجه لأن قوله: "أن هذه الأمة" فيه تخصيص فتعدية السؤال إلى غيرهم يحتاج إلى دليل، وعلى تسليم اختصاصه بهم، فهو لزيادة درجاتهم ولخفة أهوال المحشر؛ ففيه رفق بهم أكثر من غيرهم، لأن المحن إذا تفرقت هان أمرها، بخلاف ما إذا توالت؛ فتفريقها لهذه الأمة عند الموت وفي القبر والمحشر دليل ظاهر على عناية ربهم لهم أكثر من غيرهم٤.

ومقتضى الأحاديث سؤال الملكين المؤمن، ولو فاسقا، كالعدل، ولكن


١ سورة إبراهيم آية: ٢٧.
٢ البخاري: العلم (٨٦) , ومسلم: الكسوف (٩٠٥) , وأحمد (٦/٣٤٥) , ومالك: النداء للصلاة (٤٤٧) .
٣ مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٦٧) .
٤ لهذا التوجيه من ابن حجر تتمة قليلة أمر بتأملها وقد سقط من هنا عمدا أو سهوا.

<<  <   >  >>