وكان فيما قال لنا وأوصى: أن كفنوني في ثلاثة أثواب ليس فيها قميصٌ ولا عمامة ففعلنا ذلك.
وقال الحسن بن الحسين البزاز البخاري: توفى البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين، وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشرة يوماً (١) ، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
الفصل الثاني: عناية الإمام البُخَاريِّ بالجامع الصَّحيح ومُصنّفاته الأخرى
إن الحديث عن الأوهام الواقعة في ((الجامع الصحيح)) بسبب اختلاف الرواة، يجب أن لا تُعَدُّ من السلبيات التي يظن البعض إنها من المآخذ على ((الجامع الصحيح)) وإنما هي أمر طبيعي يعطينا فكرة عن مدى الدقة والأمانة العلمية التي كان يتميز بها المحدثون في تأليفهم للمصنفات، ومدى رعايتهم لعلم الرواية، وحرصهم على مراجعة ما يكتبونه، واستمرارهم في تنقيح ما يأخذونه عن شيوخهم، ومراجعة مصادرهم للوصول إلى أدق الروايات، وأتقنها، وهذا الأمر ليس موقوفاً على كتاب ((الجامع الصحيح)) فإن كتاب ((الموطأ)) للإمام مالك رحمه الله تعالى هو الاخر قد كثرت رواياته وتباينت بسبب مراجعته المستمرة لكتابه، وتعدد رواة ((الموطأ)) ، وغير ذلك من المصنفات الحديثية، والتي كثرت روايتها وتعددت ... دليل واضح على المدى الذي وصل إليه المسلمون في ضبط النصوص وتوثيقها.
ولقد كانت عناية الإمام البخاري بمصنفاته كبيرة، وروى عنه أنه
(١) . انظر: تاريخ بغداد ٢/٦، ٣٤، وفيات الأعيان ٤/١٩٠، طبقات الشافعية ٢/٢٣٣، سير أعلام النبلاء ١٢/٤٦٦-٤٦٨، هدي الساري ٤٩٥.