للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: «الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ» أي أصنافاً «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» «١» أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس، وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.

نا يونس عن أبي معشر عن محمد بن قيس في قوله: «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ» «٢» قال: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ما تقول حق، فو الله إن قلوبنا لفي أكنة منه ما نعقله، وفي آذاننا وقر فما نسمعه، ومن بيننا وبينك حجاب فما ندري ما تقول.

نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: ثم إن قريشا حين عرفت أن أبا طالب أبي خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسلامه، وإجماعه لفراقهم في ذلك، وعدوانهم، مشوا إليه ومعهم عمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له فيما بلغنا: يا أبا طالب قد جئناك بفتى قريش عمارة بن الوليد جمالا، وشباباً، ونهادة، فهو لك نصره وعقله، فاتخذه ولداً لا تنازع فيه، وخل بيننا وبين ابن أخيك هذا (٥٩) الذي فارق دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومه، وسفّه أحلامهم، فإنما رجل كرجل لنقتله، فإن ذلك أجمع للعشيرة، وأفضل في عواقب الأمور مغبة، فقال لهم أبو طالب: والله ما أنصفتموني، تعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابن أخي تقتلونه «٣» ، هذا والله لا يكون أبداً، أفلا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره، فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: لقد أنصفك قومك يا أبا طالب؛ وما أراك تريد أن تقبل ذلك منهم، فقال أبو طالب للمطعم بن عدي: والله ما أنصفتموني ولكنك قد أجمعت على خذلاني ومظاهرة القوم علي، فاصنع ما بدا لك، أو كما قال أبو طالب، فحقب «٤»


(١) سورة الحجر: ٩١- ٩٢.
(٢) سورة فصلت: ٥.
(٣) في ع يقتلونه.
(٤) أي اشتد، وفي ع: خفت.

<<  <   >  >>