للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت «١» به رأسه، فأسلموني عند ذلك وامنعوني «٢» فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدوا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقبلته إلى الشام وكان إذا صلى صلى بين الركنين الأسود واليماني، وجعل الكعبة بينه وبين الشام، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل الحجر، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع متهيباً منتقعا قد تغير لونه مرعوباً قد يبست يده على حجره حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل ما قلت لكم البارحة، ولما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهم بأن يأكلني.

نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ذلك جبريل لو دنا لأخذه.

نا يونس قال: ثم رجع الحديث [٩٣] إلى الأول قال: فلما قال له ذلك أبو جهل قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي فقال: يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما اشلتم «٣» له نبله بعد، لقد كان محمد فيكم غلاما حدثاً، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم،


(١) فضخه: كسره، ولا يكون إلا في شيء أجوف.
(٢) كذا في الأصل وفي ع ولعل الصواب «أو امنعوني» كما جاء في ابن هشام، الروض: ٢/ ٣٨.
(٣) أي نزل بكم أمر لم تقدروه حق قدره ولم تحتاطوا له بما يلزم، وجاء عند ابن هشام، الروض: ٢/ ٣٨ «نزل بكم أمر ما آتيتم له بحيلة بعد» .

<<  <   >  >>