للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثار أبو يكسوم راجعاً، قد أصابته بعض الحجارة، فجعل كلما قدم أرضاً انقطع منه فيها أرب، حتى إذا انتهى إلى اليمن، ولم يبق منه شيء إلا اباده، فلما قدمها انصدع صدره، وانشق بطنه، فهلك، ولم يصب من الأشعريين وخثعم أحد.

ولما فزعوا إلى دليلهم ذلك، يسألون عنه، فجعلوا يقولون: يا نفيل، يا نفيل، وقد دخل نفيل الحرم، ففي ذلك يقول نفيل:

ألا ردي جمالك يا ردينا ... نعمناكم مع الاصباح عينا

فإنك لو رأيت، ولن تريه ... إلى جنب المحصب ما رأينا

إذا لخشيته وفزعت منه ... ولم تأسي على ما فات عينا

خشيت الله لما رأيت طيرا ... وقذف حجارة ترمي علينا

وكلهم يسائل عن نفيل ... كأن علي للحبشان دينا

وقال المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم:

أنت حبست الفيل بالمغمس ... أهلكت أبا يكسوم والمغلس

كردستهم وأنت غير مكردس ... تدعسهم وأنت غير مدعس

وقال عبد المطلب، وهو يرتجز ويدعو على الحبشة:

يا رب لا أرجو لهم سواكا ... يا رب فامنع منهم حماكا

إن عدو البيت من عاداكا ... إنهم لن يقهروا قواكا

وقال عبد المطلب حين انصرفوا:

منعت الأرض التي حميت ... من اللئام فلم تخلق لهم دارا

منعت مكة منهم إنني رجل ... ذو أسرة لم نكن في الحب غدارا

إذ قلت يا صاحب الحبشان إن لنا ... من دون أن يهدم المعمور أخطارا

فسار في جيشه بالفيل مقتدرا ... وسرت مستبسلا للموت صبارا

في فتية من قريش ليس ميتهم ... بمورث حيهم شينا ولا عارا

<<  <   >  >>