للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيهم «١» فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيرا مما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام نزلوا به قريباً من صومعته، فصنع لهم طعاماً كثيراً، وذلك- فيما يزعمون- عن شيء رآه وهو في صومعته في الركب، حين أقبلوا وغماما تظله من بين القوم، ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة، وتهصرت «٢» أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى «٣» استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش، وأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم، وحركم وعبدكم، فقال له رجل منهم: يا بحيرا إن لك اليوم لشأناً ما كنت تصنع هذا فيما مضى، وقد كنا نمر بك كثيرا فما [٢] شأنك اليوم؟ فقال له بحيرا: صدقت قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما تأكلون منه كلكم صغيركم [وكبيركم] «٤» ، فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم- لحداثة سنه- في رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده، قال: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا، قالوا له:

يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام هو أحدث القوم سنا، تخلف في رحالهم، قال: فلا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل مع القوم من قريش: واللات والعزى إن هذا للؤم بنا، يتخلف


(١) أثبت في حاشية ع: فيها.
(٢) الهصر: الجذب والامالة والكسر والدفع والادناء وعطف شيء رطب كالغصن ونحوه وكسره من غير بينونة أو عطف اي شيء.
(٣) سقطت من ع.
(٤) زيدت من ع.

<<  <   >  >>